فصل: التفسير المأثور:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



والسبيل يذكر ويؤنث، ومفعول أدعو هو محذوف تقديره: أدعو الناس.
والظاهر تعلق على بصيرة بأدعو، وإنا توكيد للضمير المستكن في ادعو، ومن معطوف على ذلك الضمير والمعنى: أدعو أنا إليها من اتبعني.
ويجوز أن يكون على بصيرة خبرًا مقدمًا، وأنا مبتدأ، ومن معطوف عليه.
ويجوز أن يكون على بصيرة حالًا من ضمير ادعو، فيتعلق بمحذوف، ويكون أنا فاعلًا بالجار والمجرور النائب عن ذلك المحذوف، ومن اتبعني معطوف على أنا.
وأجاز أبو البقاء أن يكون: ومن اتبعني مبتدأ خبره محذوف تقديره كذلك أي: داع إلى الله على بصيرة.
ومعنى بصيرة حجة واضحة وبرهان متيقن من قوله: {قد جاءكم بصائر من ربكم} وسبحان الله داخل تحت قوله قل: أي قل، وتبرئة الله من الشركاء أي: براءة الله من أن يكون له شريك.
ولما أمر بأن يخبر عن نفسه أنه يدعو هو ومن اتبعه إلى الله، وأمر أن يخبر أنه ينزه الله عن الشركاء، أمر أن يخبر أنه في خاصة نفسه منتف عن الشرك، وأنه ليس ممن أشرك.
وهو نفي عام في الأزمان لم يكن منهم، ولا في وقت من الأوقات.
إلا رجالًا حصر في الرسل دعاة إلى الله، فلا يكون ملكًا.
وهذا رد على من قال: {لو شاء ربنا لأنزل ملائكة} وكذلك قال: {لو جعلناه ملكًا لجعلناه رجلًا} وقال ابن عباس: يعني رجالًا لا نساء، فالرسول لا يكون امرأة، وهل كان في النساء نبية فيه خلاف؟ والنبي أعم من الرسول، لأنه منطلق على من يأتيه الوحي سواء أرسل أو لم يرسل، قال الشاعر في سجاح المتنبئة:
أمست نبيتنا أنثى نطيف بها ** ولم تزل أنبياء الله ذكرانا

فلعنة الله والأقوام كلهم ** على سجاح ومن بالإفك أغرانا

أعني مسيلمة الكذاب لا سقيت ** أصداؤه ماء مزن أينما كانا

وقرأ أبو عبد الرحمن، وطلحة، وحفص: {نوحي} بالنون وكسر الحاء، موافقًا لقوله: {وما أرسلنا}.
وقرأ الجمهور بالياء وفتح الحاء مبنيًا للمفعول.
والقرى المدن.
قال ابن زيد: أهل القرى أعلم وأحلم من أهل البادية، فإنهم قليل نبلهم، ولم ينشئ الله قط منهم رسولًا.
وقال الحسن: لم يبعث الله رسولًا من أهل البادية، ولا من النساء، ولا من الجن.
والتبدي مكروه إلا في الفتن، ففي الحديث: «من بدا جفا» ثم استفهم استفهام توبيخ وتقريع.
والضمير في يسيروا عائد على من أنكر إرسال الرسل من البشر، ومن عاند الرسول وأنكر رسالته كفر أي: هلا يسيرون في الأرض فيعلمون بالتواتر أخبار الرسل السابقة، ويرون مصارع الأمم المكذبة، فيعتبرون بذلك؟ ولدار الآخرة خير، هذا حض على العمل لدار الآخرة والاستعداد لها، واتقاء المهلكات، ففي هذه الإضافة تخريجان: أحدهما: أنها من إضافة الموصوف إلى صفته، وأصله: ولدار الآخرة.
والثاني: أن يكون من حذف الموصوف وإقامة صفته مقامه، وأصله: ولدار المدة الآخرة أو النشأة الآخرة.
والأول: تخريج كوفي، والثاني: تخريج بصرى.
وقرأ الجمهور: {أفلا يعقلون} بالياء رعيًا لقوله: أفلم يسيروا.
وقرأ الحسن، وعلقمة، والأعرج، وعاصم، وابن عامر، ونافع: بالتاء على خطاب هذه الأمة تحذيرًا لهم مما وقع فيه أولئك، فيصيبهم ما أصابهم.
قال الكرماني: أفلا يعقلون أنها خير.
فيتوسلوا إليها بالإيمان انتهى.
والاستيئاس من النصر، أو من إيمان قومهم قولان.
وحتى غاية لما قبلها، وليس في اللفظ ما يكون له غاية، فاحتيج إلى تقدير فقدره الزمخشري: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا، فتراخى نصرهم حتى إذا استيأسوا عن النصر.
وقال ابن عطية: ويتضمن قوله: أفلم يسيروا إلى ما قبلهم، أن الرسل الذين بعثهم الله من أهل القرى دعوهم فلم يؤمنوا بهم حتى نزلت بهم المثلات، فصاروا في حيز من يعتبر بعاقبته، فلهذا المضمن حسن أن يدخل حتى في قوله: حتى إذا استيأس الرسل انتهى.
ولم يتحصل لنا من كلامه شيء يكون ما بعد حتى غاية له، لأنه علق الغاية بما ادعى أنه فهم ذلك من قوله: أفلم يسيروا الآية.
وقال أبو الفرج بن الجوزي: المعنى متعلق بالآية الأولى فتقديره: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالًا يدعوا قومهم فكذبوهم، وصبروا وطال دعاؤهم، وتكذيب قومهم حتى إذا استيأس الرسل.
وقال القرطبي في تفسيره: المعنى وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلا رجالًا، ثم لم نعاقب أممهم بالعقاب حتى إذا استيأس الرسل.
وقرأ أبي، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، ومجاهد، وطلحة، والأعمش، والكوفيون: {كذبوا} بتخفيف الذال، وباقي السبعة، والحسن وقتادة، ومحمد بن كعب، وأبو رجاء، وابن مليكة، والأعرج، وعائشة بخلاف عنها بتشديدها.
وهما مبنيان للمفعول، فالضمائر على قراءة التشديد عائدة كلها على الرسل، والمعنى: إن الرسل أيقنوا أنهم كذبهم قومهم المشركون.
قال ابن عطية: ويحتمل أن كون الظن على بابه يعني من ترجيح أحد الجائزين قال: والضمير للرسل، والمكذبون مؤمنون أرسل إليه أي: لما طالت المواعيد حسبت الرسل أنّ المؤمنين أولًا قد كذبوهم وارتابوا بقولهم.
وعلى قراءة التخفيف، فالضمير في وظنوا عائد على الرسل إليهم لتقدمهم في الذكر في قوله: كيف كان عاقبة الذين من قبلهم، ولأنّ الرسل تستدعي مرسلًا إليهم، وفي أنهم.
وفي قد كذبوا عائد على الرسل، والمعنى: وظن المرسل إليهم أنّ الرسل قد كذبهم من ادعوا أنه جاءهم بالوحي عن الله وبنصرهم، إذ لم يؤمنوا به.
ويجوز في هذه القراءة أن تكون الضمائر الثلاثة عائدة على المرسل إليهم أي: وظن المرسل أنهم قد كذبهم الرسل فيما ادعوه من النبوّة، وفيما يوعدون به من لم يؤمن بهم من العذاب.
وهذا مشهور قول ابن عباس، وتأويل عبد الله وابن جبير ومجاهد.
ولا يجوز أن تكون الضمائر في هذه القراءة عائدة على الرسل، لأنهم معصومون، فلا يمكن أن يظن أحد منهم أنه قد كذبه من جاءه بالوحي عن الله.
وقال الزمخشري في هذه القراءة: حتى إذا استيأسوا من النصر وظنوا أنهم قد كذبوا أي: كذبتهم أنفسهم حين حدثتهم أنهم ينصرون أو رجاهم كقوله: رجاء صادق ورجاء كاذب.
والمعنى: أنّ مدة التكذيب والعداوة من الكفار، وانتظار النصر من الله وتأميله قد تطاولت عليهم وتمادت، حتى استشعروا القنوط، وتوهموا أن لا نصر لهم في الدنيا، فجاءهم نصرنا فجأة من غير احتساب انتهى.
فجعل الضمائر كلها للرسل، وجعل الفاعل الذي صرف من قوله: قد كذبوا، إما أنفسهم، وإما رجاؤهم.
وفي قوله: إخراج الظن عن معنى الترجيح، وعن معنى اليقين إلى معنى التوهم، حتى تجري الضمائر كلها في القراءتين على سنن واحد.
وروي عن ابن مسعود، وابن عباس، وابن جبير: أن الضمير في وظنوا، وفي قد كذبوا، عائد على الرسل والمعنى: كذبهم من تباعدهم عن الله والظن على بابه قالوا: والرسل بشر، فضعفوا وساء ظنهم.
وردت عائشة وجماعة من أهل العلم هذا التأويل، وأعظموا أنْ يوصف الرسل بهذا.
قال الزمخشري: إن صح هذا عن ابن عباس فقد أراد بالظن ما يخطر بالبال، ويهجس في القلب من شبه الوسوسة وحديث النفس على ما عليه البشرية.
وأما الظن الذي هو ترجيح أحد الجانبين على الآخر فغير جائز على رجل من المسلمين، فما بال رسل الله الذين هم أعرف بربهم، وأنه متعال عن خلف الميعاد، منزه عن كل قبيح انتهى.
وآخره مذهب الاعتزال.
فقال أبو علي: إن ذهب ذاهب إلى أنّ المعنى ظن الرسل أن الذي وعد الله أممهم على لسانهم قد كذبوا فيه، فقد أتى عظيمًا لا يجوز أن ينسب مثله إلى الأنبياء، ولا إلى صالحي عباد الله قال: وكذلك من زعم أن ابن عباس ذهب إلى أن الرسل قد ضعفوا وظنوا أنهم قد أخلفوا، لأن الله لا يخلف الميعاد، ولا مبدل لكلماته.
وقرأ ابن عباس، ومجاهد، والضحاك: {قد كذبوا} بتخفيف الذال مبنيًا للفاعل أي: وظن المرسل إليهم أن الرسل قد كذبوهم فيما قالوا عن الله من العذاب والظن على بابه.
وجواب إذ جاءهم نصرنا، والظاهر أن الضمير في جاءهم عائد على الرسل.
وقيل: عائد عليهم وعلى من آمن بهم.
وقرأ عاصم، وابن عامر: {فنجى} بنون واحدة وشدّ الجيم وفتح الياء مبنيًا للمفعول.
وقرأ مجاهد، والحسن، والجحدري، وطلحة بن هرمز كذلك، إلا أنهم سكنوا الياء، وخرج على أنه مضارع أدغمت فيه النون في الجيم، وهذا ليس بشيء، لأنه لا تدغم النون في الجيم.
وتخريجه على أنه ماض كالقراءة التي قبلها سكنت الياء فيه لغة من يستثقل الحركة صلة على الياء، كقراءة من قرأ: {ما تطعمون أهليكم} بسكون الياء.
ورويت هذه القراءة عن الكسائي ونافع، وقرأهما في المشهور، وباقي السبعة فننجي بنونين مضارع أنجي.
وقرأت فرقة كذلك إلا أنهم فتحوا الياء.
قال ابن عطية: رواها هبيرة عن حفص عن عاصم، وهي غلط من هبيرة انتهى.
وليست غلطًا، ولها وجه في العربية وهو أنّ الشرط والجزاء يجوز أن يأتي بعدهما المضارع منصوبًا بإضمار أن بعد الفاء، كقراءة من قرأ: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر} بنصب يغفر بإضمار أنْ بعد الفاء.
ولا فرق في ذلك بين أن تكون أداة الشرط جازمة، أو غير جازمة.
وقرأ نصر بن عاصم، والحسن، وأبو حيوة، وابن السميقع، ومجاهد، وعيسى، وابن محيصن: {فنجى} جعلوه فعلًا ماضيًا مخفف الجيم.
وقال أبو عمرو الداني: وقرأت لابن محيصن فنجى بشد الجيم فعلًا ماضيًا على معنى فنجى النصر.
وذكر الداني أنّ المصاحف متفقة على كتبها بنون واحدة.
وفي التحبير أنّ الحسن قرأ {فننجى} بنونين، الثانية مفتوحة، والجيم مشددة، والياء ساكنة.
وقرأ أبو حيوة: {من يشاء} بالياء أي: فنجى من يشاء الله نجاته.
ومن يشاء هم المؤمنون لقوله: {ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين}، والبأس هنا الهلاك.
وقرأ الحسن: {بأسه} بضمير الغائب أي: بأس الله.
وهذه الجملة فيها وعيد وتهديد لمعاصري الرسول صلى الله عليه وسلم. اهـ.

.التفسير المأثور:

قال السيوطي:
{حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ (110)}
أخرج أبو عبيد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق عروة، أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن قوله: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قال: قلت: أكذبوا، أم كذبوا؟ قالت عائشة- رضي الله عنها بل: {كذّبوا} يعني بالتشديد، قلت: والله لقد استيقنوا أن قومهم كذبوهم، فما هو بالظن. قالت: أجل، لعمري لقد استيقنوا بذلك. فقلت لعلها: {وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة. قالت: معاذ الله، لم تكن الرسل لتظن ذلك بربها. قلت: فما هذه الآية؟ قالت: هم اتباع الرسل الذين آمنوا بربهم وصدقوهم، وطال عليهم البلاء واستأخر عنهم النصر، حتى إذا استيأس الرسل ممن كذبهم من قومهم، وظنت الرسل أن أتباعهم قد كذبوهم، جاءهم نصر الله عند ذلك.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه، عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله عنه أن ابن عباس- رضي الله عنهما- قرأها عليه: {وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة. يقولوا اخلفوا، وقال ابن عباس- رضي الله عنهما- وكانوا بشرًا، وتلا: {حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله} [البقرة: 214] قال ابن أبي مليكة: فذهب ابن عباس- رضي الله عنهما- إلى أنهم يئسوا وضعفوا، فظنوا أنهم قد أخلفوا، قال ابن أبي مليكة: وأخبرني عروة عن عائشة أنها خالفت ذلك وأبته وقالت: ما وعد الله رسوله من شيء إلا علم أنه سيكون قبل أن يموت، ولكنه لم يزل البلاء بالرسل حتى ظنوا أن من معهم من المؤمنين قد كذبوهم، وكانت تقرؤها: {وظنوا أنهم قد كذبوا} مثقلة للتكذيب.
وأخرج ابن مردويه من طريق عروة، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {وظنوا أنهم قد كذبوا} بالتشديد.
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: {وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة.
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طرق، عن ابن عباس- رضي الله عنهما- أنه كان يقرأ: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} مخففة. قال: يئس الرسل من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوهم فيما جاؤوهم به: {جاءهم نصرنا} قال: جاء الرسل نصرنا.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ، عن تميم بن حرام قالت: قرأ على ابن مسعود رضي الله عنه القرآن فلم يأخذ علي إلا حرفين: {كل أتوه داخرين} فقال: {أتوه} مخففة.
وقرأت عليه: {وظنوا أنهم قد كذبوا} فقال: {كذبوا} مخففة قال: {استيأس الرسل} من أيمان قومهم أن يؤمنوا لهم، وظن قومهم حين ابطأ الأمر: {أنهم قد كذبوا}.
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الأحوص، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في سورة يوسف: {وظنوا أنهم قد كذبوا} خفيفة.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ، عن ربيعة بن كلثوم قال: حدثني أبي أن مسلم بن يسار رضي الله عنه سأل سعيد بن جبير رضي الله عنه فقال: يا أبا عبد الله، آية قد بلغت مني كل مبلغ: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} فهذا الموت إن نظن الرسل أنهم قد كذبوا أو نظن أنهم قد كذبوا مخففة. فقال سعيد بن جبير رضي الله عنه: {حتى إذا استيأس الرسل} من قومهم أن يستجيبوا لهم، وظن قومهم أن الرسل كذبتهم: {جاءهم نصرنا} فقام مسلم إلى سعيد فاعتنقه وقال: فرج الله عنك كما فرجت عني.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم، عن أبي حمزة الجزري قال: صنعت طعامًا فدعوت ناسًا من أصحابنا، منهم سعيد بن جبير والضحاك بن مزاحم، فسأل فتى من قريش سعيد بن جبير رضي الله عنه فقال: يا أبا عبد الله، كيف تقرأ هذا الحرف؟ فإني إذا أتيت عليه تمنيت أني لا أقرأ هذه السورة: {حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا} قال: نعم: {حتى إذا استيأس الرسل} من قومهم أن يصدقوهم، وظن المرسل إليهم أن الرسل: {قد كذبوا} فقال الضحاك رضي الله عنه لو رحلت في هذه إلى اليمن، لكان قليلًا.
وأخرج ابن جرير، عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأها: {كذبوا} بفتح الكاف والتخفيف. قال: استيأس الرسل أن يعذب قومهم، وظن قومهم أن الرسل قد كذبوا: {جاءهم نصرنا} قال: جاء الرسل نصرنا. قال مجاهد: قال في المؤمن: {فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم} [غافر: 83] قال قولهم: نحن أعلم منهم ولن نعذب، وقوله: {وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون} [الزمر: 48] قال: حاق بهم ما جاءت به رسلهم من الحق.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس- رضي الله عنهما: {فننجي من نشاء} قال: فننجي الرسل ومن نشاء: {ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين} وذلك أن الله تعالى بعث الرسل يدعون قومهم، فأخبروهم أنه من أطاع الله نجا، ومن عصاه عذب وغوى.
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس- رضي الله عنهما-: {جاءهم نصرنا} قال: العذاب.
وأخرج أبو الشيخ عن نصر بن عاصم- أنه قرأ {فنجا من نشاء}.
وأخرج أبو الشيخ عن أبي بكر- أنه قرأ: {فننجي من نشاء}.
وأخرج أبو الشيخ، عن السدي-: {ولا يرد بأسنا} قال عذابه. اهـ.